القطط جمعتها الأساطير من عطسة أسد

القطط مخلوقات ناعمة غامضة، وتصبح مخيفة اذا تلونت بالسواد وشعت عينها ليلا بلون أصفر عسلي يتوسطها بؤبؤ طولي يحاكي تحركات القمر.
والقطط في الحضارات المؤمنة بالعالم الأثيري كالفرعونية والسنسكريتية هي مخلوقات ذات حركات متناغمة، تملك قوة خافية تتوقع بواسطتها الأخطار قبل حدوثها، ما يجعل الانسان يشعر دائما عندما ينظر الى عين القط بأنه خاضع لتأثيرات روحية غير مرئية.
في ايطاليا يذكر التاريخ أن عائلة بأكملها تدين لقطة أنقذتها من الهلاك. وورد عن أصحاب العلاقة أن القط توتو هرع فجأة الى غرفة صاحبه رب الأسرة وأخذ يلعق خديه بقوة ويبدو كمن يتوسله ليستيقظ. وعندما شعر مالك القط بإلحاحه وهلعه شعر بالخطر فحمل جميع أفراد أسرته وأبلغ الجيران بأن هناك خطرا قادما ثم رحل مع أسرته بسيارته عن المكان الذي غمرته الحمم البركانية.
لاعجب في ما يذكر عن القطط، فالشعب البريطاني يؤمن بأن القطط تستخدم حواسها لاستباق الأحداث، لتعبر عن ولائها لمالكها بتنبيهه وتحذيره من المخاطر التي تهدده، فقد كانوا ابان الحرب العالمية الثانية يعتمدون على تصرفات قططهم للتنبؤ بقرب حدوث الغارات الجوية المعادية، فيهرعون الى الملاجئ.

الحبشي المقدس
القط الغامض دخل التراث وعالم الماورائيات والخرافات منذ أن عثر عليه قبل 4000 سنة في مصر قبل انتقاله عن طريق اليونانيين الى أوروبا. وقد قدّس المصريون القدماء القطط. فعبدوا إله الحب والخصوبة المسمى باستيت أو باست، والذي يمثلونه على هيئة رأس قط وجسم امرأة. وقد عثر على 300.000 مومياء لقط في مقبرة قديمة ما يدل على تحنيط الفراعنة للقطط المقدسة، التي يعاقب من يؤذيها بعقوبة تصل الى حد الموت.
ويستدل من القطط المقدسة المنحوتة على المقابر أن القطط المقدسة عادة تكون من النوع الحبشي الذكي والنشط والذي يتميز بعينين صفراوين أو خضر مستديرة كالقمر، وأذنين كبيرتين مفتوحتين على مصراعيهما.

همجية القط الحيوانية
هذا المخلوق الغامض عرف بولعه بمطاردة الفئران، الى درجة أن تهذيبه يصبح صعبا بوجود فأر، يستفزه ليذكره بحيوانيته وشهوانيته لالتهام الفأر. ما جعل الأقدمين من العرب يرددون المثل «الطبع يغلب التطبع» في إشارة لتأثير الغرائز الحيوانية على التهذيب مستندين في ذلك الى قصة من قصص التراث القديم، تروي قصة أمير أحب الـ»سنانير»، وهي الفصيلة التي تنتمي اليها القطط، ثم قام بتدريبها على الخدمة في بلاطه، فتدربت على حمل الشموع لانارة مجلس الأمير، وفي لحظة تباه ذكر الأمير للجالسين بأنه استطاع تغيير طباع القطط وهذبها. واعترض حكيم من الجلوس مؤكدا للأمير أنه لا يستطيع فعل ذلك، فلم يوافقه الأمير.
خرج الحكيم من مجلس الأمير وقرر أن يؤكد له أن الطبيعة تغلب التطبيع، فقرر حمل فأر معه الى مجلس الأمير وخبأه، في كم ملابسه، وبمجرد حضور جميع أفراد المجلس، ودخلت القطط حاملة الشموع أمام زهو الأمير بنفسه، أفلت الحكيم الفأر من كمه، فما كان من السنانير إلا أن رمت بالشموع وهرعت لتطارد الفأر، فتحول المجلس إلى فوضى، وأحرقت الشموع القاعات، فالتفت الحكيم الى الأمير بينما هم يهرولان ليذكره أن «الطبع يغلب التطبع» فأصبحت العبارة مثلا وحكمة على مر العصور.

عطسة أسد عبرية
الأساطير المرتبطة بالقطط وجدت منذ زمن بعيد وربما منذ عهد طوفان سيدنا نوح، فقد ذكرت الأساطير العبرية أن القطط لم تكن موجودة على الأرض قبل الطوفان، ولم يحمل منها النبي نوح زوجين منها الى السفينة. وقبل رسو السفينة، وعندما بدأت المياه بالانحسار انتشرت الفئران القارضة فأخذت تلتهم ما تبقى لديهم من الغذاء، فتوسل سيدنا نوح الى الله ليخلصهم من القوارض قبل أن تلتهم كل ما تبقى لهم من غذاء فأمره الله بضرب الأسد، وليس اللبوءة، على وجهه، فعطس الأسد الذي ينحدر من الفصيلة السنورية، فخرج من منخاريه زوج من القطط.